جارتنا فاطمة طرحت سؤال في منبر اسئلي جاراتي تطلب حل لمشكلها مع الخوف والخجل الزائدين عن الحد
سأقتصر هنا على نقطتَين مهمَّتَين :
أولاً: الخجلُ الزائد قد يَحدُث في مواقفَ معيَّنة عند لقاء شخصٍ ما، أو عندَ الدخول على مجموعة كبيرة من الناس، أو عندَ الأكْل أمامَ الناس، أو غير ذلك، ويختفي في غيرِ هذه المواقف، وهذا ما نُسمِّيه بـ(الرهاب الاجتماعي)، يُرافِق هذا الخوفَ أعراضٌ جسديَّة تُشبه التي ذكرتَها.
إذا كنتَ تتحدَّث عن مثل هذه الحالة، فعِلاجُها يتطلَّب أمرين:
الأول: علاجٌ دوائيٌّ يُقرِّره الطبيبُ النفسي الذي يُشخِّص الحالة، وهناك عدد من الأدوية الرائعة التي تُعطي مفعولاً جيِّدًا دون أن تُسبِّب أعراضًا جانبية مهمَّة.
والثاني: علاجٌ نفسيٌّ يتمُّ على يدِ المعالِج النفسي، لا أستطيعُ أن أُحدِّد طُرقًا معيَّنة في العلاج النفسي؛ لأنَّ لكلِّ مريض خطةً تناسبه، مع أنَّ هناك عددًا من الأفكار والتقنيات التي ستجدُها في (الإنترنت) عامَّة، وفي هذا الموقع بشكل خاصٍّ حولَ هذا الموضوع، وقد تكون مفيدة.
ثانيًا: قد يأتي الخوفُ والخجل طوالَ الوقت، وفي كلِّ مناسبة، وكأنَّها جزءٌ من الشخصية، وهنا يجب أن نُقرِّر أمورًا كثيرة؛ منها:
(أ) كيف ثقتُك بنفسك؟
فالثقة بالنفس مِن الأمور المهمَّة؛ للتغلُّبِ على الخجل والخوف، الثقة بالنفس تجعل الشخصَ مطمئنًّا إلى ما يفعل، وواثقًا من مواقفه، الثقة بالنفس مِفتاحٌ مهم لتطوير الذات وتنميتها، وقد تُشكِّل هذه المسألةُ أمرًا جوهريًّا بالنسبة لك، وتحتاج إلى مراجعة وتركيز.
وهناك العديدُ من المقالات التي اهتمَّت بهذا الموضوع، وتُعطي فيه تقنيات من المهمِّ تَعلُّمُها.
(ب) مِن الأمور المهمَّة التي أريدك أن تَصرِف انتباهَك لها:
مدى اهتمامِك بما يقوله الآخَرون عنك، أو عمَّا تفعل:
إنَّ الخجول يشغله بشدَّة رأيُ الآخرين وتقييمُهم، ويُشكِّل ذلك عبئًا وضغطًا نفسيًّا عاليًا، إنَّ من الصحيح أن ننتبَه لِمَا يقوله الآخرون؛ فهم مرآةٌ لنا فيمَا نفعل، لكن في الوقت نفسِه يجب أن نتذكَّر أنَّ رأي الآخرين يشوبه أمورٌ كثيرة تجعل رأيَهم مشوَّهًا، وغير صحيح، ومنها: عدمُ معرفتهم بالحقيقة كاملة، أو التحيُّز ضدَّ أمرٍ ما دون معرفته بشكل كافٍ، أو التحيُّز لأسباب أو آراء شخصيَّة.
وعلى كلِّ حال يجب أن يصل الشَّخصُ إلى مرحلة مميَّزة، حيث يكون لديه القدرةُ على سماع رأي الآخرين، مع فَهْم مقصدِهم، واكتشاف وجود أيِّ سبب يدفعهم لهذا القول.
(ج) التعامُلُ مع الخطأ أيضًا من التحديات التي قد تواجهُك:
كلنا يخطئ، فهذه سِمةٌ إنسانيَّة ثابتة، لكنَّ الخجول يجعل مِن خطئه كارثةً، يُعاقِب عليها نفسَه مرَّة بعدَ مرَّة.
الوضع المثالي الذي يجب أن نسعى إليه أنا وأنت: هو أن نقومَ بالاعتراف بالخطأِ عندَ وقوعه، والسَّعيِ لإصلاحه، دونَ قدر كبير من لَوْمِ النفس، أو جَلْدِها؛ إلاَّ بالقدر الذي يَمدُّني بالحذر والقوَّة؛ لكيلا أقعَ في الخطأ مرَّة أخرى.
ختامًا: لا أدري، إن كان ما ذكرتُ يُلامِسُ مشكلتَك بشكل مباشر، أو لا، أرجو ألاَّ تتردَّد في الكتابة لنا مرَّةً أخرى، إذا لم نحقِّق الغايةَ المرجُوَّة من الاستشارة.
0 comments:
Post a Comment